قانون الحقوق المدنية الذي قدمه مجموعة من النواب الأفاضل بحق قانون إنساني مدني حضاري بكل ما تعنيه الكلمة، فهذا القانون لا ينم إلا عن إحساس وطني وإنساني عالٍ لدى كل من عمل لخروجه إلى العلن، ويأتي على رأس المشكورين قائمة النواب المطالبين به إلى جانب عدد من نخبة المجتمع أمثال أم البدون أوراد الأحمد، والمحامية فوزية الصباح، إلى جانب الزملاء الكتاب أمثال الدكتور سامي ناصر خليفة، والدكتور صلاح الفضلي، والدكتور ساجد العبدلي، وحسن الأنصاري وغيرهم الكثيرون.
غير محددي الجنسية وصمة عار في جبين الحكومات الكويتية المتعاقبة، وعدم حل المشكلة والتلكؤ في معالجة الشؤون الإنسانية والمدنية لهذه الفئة تعني عدم الإيمان بحق الإنسان في العيش بكرامة في ظل حكومة لم يرقَ لها حس وشعور تجاه المظلومين والمحرومين. أعلم أن هناك من يحمّل البدون أنفسهم مسؤولية ما حصل، ولكن هذا ظلم وإجحاف إن لم يكن تلبيساً والتفافاً على الحقيقة.
فالبدون كأي إنسان آخر يريد أن يرى مصلحته، وهذا ما دفع بالبعض منهم إلى رمي الجنسية والهوية الأصلية كمشروع استثماري طويل الأمد للعيش بالكويت. ولكن هذه الصورة لوحدها لا تكفي للتعرف على حقيقة الأمر وتوجد إلى جانبها ملاحظات أخرى لا يجوز تغافلها. الأولى أن ليس البدون كلهم متهمين بالتخلص من هوياتهم الأصلية، كما يحلو للبعض أن يصورهم، فهناك نسبة كبيرة منهم ممن وقعوا ضحية ضياع الهوية من دون سبب سوى تقاعس آبائهم الأوائل عن المطالبة بها.
ثم توجد نسبة كبيرة أخرى من البدون اليوم هم ضحية تصرفات آبائهم وأهاليهم ممن أوجدوهم إلى هذه الأرض، وهم يحملون هوية «غير محددي الجنسية»، لأنهم رأوا في ترك الهوية وضياعها خير وسيلة للعيش على هذه الأرض. وثالثاً والأسوأ من ذلك كله إن كان البدون يتحملون مسؤولية ضياع هوياتهم، فمن الإنصاف والعدل أن تتحمل الحكومة الشق الأكبر من الجريرة، لأنها هي من غررت بهم وألهمتهم القيام بهذا العمل المأسوي من خلال تشجيعهم في فترة من الفترات بترقي الوظائف ومجانية التدريس والصحة!
عموماً، المشكلة اليوم موجودة، ونحن بالتأكيد قاصرون عن إعادة عقارب الزمن إلى الوراء، وها نحن اليوم أمام فرصة ومفترق جديد تجاه هذه الفئة المظلومة المحرومة من أبسط حقوقها المدنية في القرن الواحد والعشرين، ومن الضروري وعلى الجميع أن يبادر إلى نصرة حقوقهم وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح ومعاملة هذا القطاع الكبير بمستوى يليق بالإنسان، كما جاء في هذا القانون، ومن بعد ذلك لنتحدث عمن يستحق الجنسية من عدمها.
د. حسن عبدالله عباس
كاتب كويتي
hasabba@gmail.com
تاريخ النشر
16 أكتوبر 2008
http://www.alraimedia.com/Alrai/Article.aspx?id=85543
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق